recent
أخبار ساخنة

شهادة إنسان على انهيار الكون وبزوغ بداية مجهولة

 


في تلك اللحظات المريبة

، كان العالم يبدو وكأنه يقترب من نهايته. لم تكن النهاية كما تخيلتها الكتب الدينية أو الأفلام السينمائية، بل كانت أشبه بانهيار صامت للكون بأكمله، حيث يُسحب كل شيء ببطء نحو مصير غامض.

كنت أجلس في غرفتي، وحولي أكوام من الأوراق المبعثرة، وكل ورقة تحمل كلمات غير مكتملة تحكي عن لحظات عشتها وسط الفوضى. نظرت عبر النافذة إلى السماء، حيث اختفت النجوم واحدة تلو الأخرى، وكأنها تُطفأ بيد خفية. الشمس، التي كانت دومًا رمز الحياة، تقلصت لتصبح أشبه بجمر محتضر، تلقي بضوء برتقالي شاحب على الأرض. كان هذا الضوء مختلفًا، لم يكن دافئًا أو مشجعًا، بل كان كئيبًا، كما لو كان ينذر بأن كل شيء قد انتهى.

في الخارج، كان الناس يتجمعون في الشوارع، بعضهم يصرخ طلبًا للنجاة، والبعض الآخر يجلس في صمت مطبق، وكأنهم سلموا أمرهم لما سيأتي. رأيت رجلاً يحمل طفله ويبحث بعينين مذعورتين عن مأوى، ورأيت امرأة تبكي بينما تحاول حماية والدتها العجوز من البرد القارس. لكن الأغرب كان ذلك الشعور الجماعي بالعجز. لم يكن هناك أمل في النجاة. لم يعد هناك من يثق في الحكومات أو العلماء، الذين لم يجدوا تفسيرًا لهذا الانهيار.

في غرفتي، كنت أكتب

. لم أعرف لماذا أكتب، لكن شعرت أن الكلمات هي الشيء الوحيد الذي يمكنه البقاء بعدي. كنت أكتب عن الأشياء الصغيرة: عن الفوضى التي عمت الشوارع، وعن الرعب في عيون الأطفال، وعن الرجل الذي رأيته يدعو الله بصوت مرتعش. كنت أكتب عن نفسي أيضًا، عن خوفي، عن شعوري بالعجز، وعن الكحول الذي كان رفيقي الوحيد في هذه العتمة المتزايدة.

ثم حدث شيء غريب. 

شعرت بذبذبات خفيفة في الأرض، وكأنها أنفاس الكون الأخيرة. حاولت الوقوف، لكني فقدت توازني وسقطت. خارج النافذة، رأيت السماء تتغير. لم تعد زرقاء أو رمادية. أصبحت أشبه بلوحة ممزقة من الألوان المتداخلة، أرجواني، أحمر، وأسود. سمعت صوتًا عميقًا، لم يكن صوت إنسان أو حيوان، بل كان أشبه بصوت الكون نفسه وهو ينهار.

وسط هذه الفوضى

 بدأت أشعر بشيء غريب. كان الهواء نفسه مشحونًا بطاقة لم أشعر بها من قبل. كتبي وأوراقي بدأت تطفو في الهواء، وجسدي شعر بخفة غريبة. لم أفهم ما كان يحدث. حاولت التمسك بشيء، لكن كل شيء كان ينفلت من يدي.

ثم جاءت اللحظة الحاسمة.

 شعرت وكأن الزمن توقف. لم أعد أسمع الأصوات أو أرى الحركة. كنت معلقًا في مكان ما بين الحياة والموت. في هذه اللحظة، رأيت لمحات من حياتي: طفولتي، شبابي، وجهي في المرآة عندما كنت أبتسم، ووجوه أحبائي. شعرت بندم عميق على الأشياء التي لم أفعلها، وعلى الوقت الذي أضعته في الخوف.

عندما استعدت وعيي

 كنت في مكان مختلف تمامًا. لم يكن هناك ضوء أو ظلام، فقط فراغ لانهائي. لم أكن وحيدًا، كان معي آخرون، وجوه مألوفة وغير مألوفة، جميعهم كانوا ينظرون إلى شيء بعيد لا أستطيع رؤيته. شعرت بسلام غريب، وكأن كل المخاوف قد انتهت.

ربما كانت النهاية هي بداية شيء جديد، لكن في تلك اللحظة، لم أكن أعلم سوى أنني لم أعد الشخص الذي كنت عليه. كنت شاهداً على شفق الزمن، وأحد الناجين من فجر الكون الجديد.

html> <

Popup

",
تمرير لأعلى وأسفل
google-playkhamsatmostaqltradent