recent
أخبار ساخنة

"همسات الظلال: رحلة في عالم مجهول



  استفاقت عينيّ على همسات خفيفة، كانت تأتي من كل الزوايا، تملأ الغرفة، وتحاصرني من جميع الاتجاهات. لم أكن قادرًا على تحديد مصدرها، كانت أشبه بصوت الرياح التي تداعب أذني دون أن أراها. تحركت بخطوات بطيئة، في محاولة للتحقق مما يحدث، ولكنني كنت أعاني من شعور غريب يجعل جسدي ثقيلًا، وكأنني غارق في الوحل، كلما تحركت، زادت خطواتي ثقلاً، وكأنني أحاول مغادرة حلم مرعب لا أستطيع الهروب منه. نظرت إلى الساعة، ولكن الوقت كان يمر ببطء شديد، وكأن الزمن نفسه قد توقف في تلك اللحظة.

حاولت أن أفتح عينيّ جيدًا، ولكن كان هناك غشاء خفيف يغطيهما، كما لو أنني في حالة غيبوبة أو نوم عميق. رفعت يدي في محاولة لمسهما، ولكن يدي بدت وكأنها لا تطيعني. كأنني محاصر في جسدي، لا أستطيع فعل شيء سوى الاستماع لتلك الهمسات التي تزداد قوة، ويبدو أن الغرفة بأكملها تتنفس معي، لكنني لم أستطع فهم ما الذي يحدث.

بدأت في محاولة تحريك جسدي، فاستطعت أخيرًا أن أرفع ذراعي وألمس هاتفي المحمول الذي كان على الطاولة بجانب السرير. أضاءت الشاشة بشكل خافت، وكان الضوء يكاد يخرج بصعوبة، كما لو أن الكهرباء نفسها كانت خائفة من الخروج. ضغطت على الشاشة، محاولًا إجراء مكالمة، ولكن الهاتف كان يرفض الاستجابة. كانت الشاشة تعرض أرقامًا غريبة تتنقل بسرعة، أرقام لا تحمل أي معنى، وكأنني دخلت في عالم موازٍ، مكان لا يعرف منطق الزمن أو المعنى.

كنت أسمع الأصوات تتصاعد حولي، همسات تملأ الأجواء، ولكن كان هناك شيء آخر، شيء بدا مختلفًا. الصوت لم يكن مجرد همسات، بل كان نوعًا من المناجاة. كان كأنني أسمع صوتًا يناديني باسمي، لكنه كان يأتي من داخل الجدران نفسها. كان الصوت ضعيفًا، غير واضح، ولكنه كان يصل إليّ بقوة، وكأن تلك الجدران نفسها تمسك بأسرار عميقة لا أستطيع فهمها. حاولت أن أتنفس بعمق، وأحاول التركيز على صوت الهمسات، ولكن فجأة، أصابني شعور غريب، شعور بأنني لست بمفردي في الغرفة.


نهضت فجأة، محاولًا الهروب من ذلك الشعور الغريب، وتوجهت إلى النوافذ. حاولت فتحها، ولكن لم أتمكن من فعل ذلك، وكأنها مغلقة بإحكام. كانت النوافذ قد أغلقت من الداخل، ولكنني لم أستطع تذكر متى حدث ذلك. شعرت بشيء من القلق يتسلل إلى قلبي، وتزايد شعوري بالغموض. كل شيء حولي كان غريبًا، وكل محاولة لفهم ما يحدث كانت تبوء بالفشل. حاولت أن أبحث عن شيء يمكن أن يطمئنني، لكن كل شيء كان مظلمًا، وكأن الضوء نفسه قد اختفى من عالمي.

ثم، كان ذلك الصوت… الصوت الذي كان ينبعث من مكان بعيد في الغرفة، من الزاوية المقابلة للسرير، حيث كان هناك خزانة قديمة كانت ملونة بلون داكن. كانت الخزانة متآكلة من الأطراف، كأنها قديمة جدًا، مليئة بالغبار، لا تذكرني إلا بالعصور القديمة. لكن هناك شيء ما جذبني نحوها. شعرت بأن هناك سرًا مدفونًا داخلها، شيء ما لم يكن يجب عليّ أن أكتشفه، لكنني كنت لا أستطيع مقاومته. اقتربت منها ببطء، وكانت يدي ترتجف قليلاً كما لو أنها تلمس شيئًا غريبًا.

فتحت الخزانة، وإذا بي أكتشف مجموعة من الأوراق القديمة. كانت الأوراق مغطاة بطبقة من التراب، ويبدو أنها لم تُفتح منذ عقود. كان أحد الأوراق يحتوي على كتابة بلغة غريبة، كانت حروفها متشابكة وكأنها مكتوبة بخط يد قديم. وقعت عيني على ورقة مكتوب عليها بخط غريب: "لا تفتح ما هو مغلق." كان الشعور الذي انتابني عند رؤيتي لهذه الكلمات غريبًا جدًا، شعرت بحالة من القلق، وكأنني قد عبرت حدودًا لا ينبغي عليّ تجاوزها.

لم يكن لدي الوقت للتفكير في ذلك كثيرًا، فقد كان هناك صوت خلفي. التفت بسرعة، لكنني لم أرَ أحدًا. كانت الغرفة خالية، وكل شيء ساكن، ولكنني كنت أشعر بأن هناك عينين تراقبني من الظلال. فجأة، أصبت بشعور غريب، وكأنني أُحاط بشيء غير مرئي، شيء ما يقترب مني، شيء يملك قوة شريرة لا أستطيع مقاومتها.

ركضت نحو الباب، وحاولت فتحه، ولكن الباب كان مغلقًا بإحكام من الخارج. حاولت أن أستعيد أنفاسي وأهدأ، لكن الجو كان ثقيلًا بشكل لا يُطاق، كأنني محاصر في مكان مظلم تمامًا. نظرت إلى النوافذ مرة أخرى، فوجدتها مغلقة كما كانت من قبل. شعرت بأني في مكان معزول عن العالم، وكأن الزمن نفسه قد تجمد هنا، ليحولني إلى شيء غريب، شيء في عداد المفقودين.

ثم، بين الظلام الكثيف، ظهر نور خافت، كان ضوءًا غريبًا ينبعث من تحت الباب. اقتربت ببطء، وأنا أشعر بقلبي يخفق بسرعة. عندما فتحت الباب، فوجئت بما رأيت. أمامي كان هناك مرآة قديمة، مرآة لم ألاحظها من قبل. كانت كبيرة الحجم، ومزخرفة بأطرافها بطرز قديم، وكأنها تحمل في طياتها سرًا كبيرًا. كان هناك شيء غريب في مرآتي، لم أكن أفهمه تمامًا، لكنني شعرت أنني لا يجب أن أقترب منها.

لكن، عندما اقتربت أكثر، كان المنظر في المرآة يُظهر شيئًا غير عادي. كانت صورة شخص غريب يقف خلفي، عينيه سوداوان، وكانت ابتسامته باردة، ابتسامة غريبة مليئة بالحقد، وكأنها تملك سرًا مظلمًا. جمدت في مكاني، ولم أستطع الهروب. كان الشخص في المرآة يتحرك، يقترب مني ببطء، وكان وجهه يتغير، تتشوه ملامحه مع كل خطوة يخطوها، وكأنها صورة كائن غير إنساني.

فجأة، أغشي عليّ، وسقطت أرضًا، لكنني استيقظت في سريري مرة أخرى، وكأن كل شيء كان مجرد حلم. لكن عندما نظرت إلى المرآة الصغيرة على الطاولة، وجدت نفس الشخص، يبتسم لي من داخلها.

Popup

",
تمرير لأعلى وأسفل
google-playkhamsatmostaqltradent