recent
أخبار ساخنة

همسات تحت المطر: قصة قدر لا يُخطئ



همسات المطر

في مساءٍ شتوي بارد، حيث كانت السماء ترسل أمطارها بغزارة، وقف "آدم" تحت مظلته السوداء على رصيف محطة القطار المهجورة. كان الوقت متأخرًا والهدوء يغلف المكان إلا من صوت قطرات المطر التي تتراقص على الأرض.

لم يكن من عادته أن ينتظر القطار في هذا الوقت، لكنه كان يشعر بشيء غريب يدفعه إلى البقاء. وبينما هو غارق في أفكاره، سمع صوت خطوات خفيفة قادمة من بعيد. التفت ليجد امرأة ترتدي معطفًا رماديًا، وشعرها الطويل الداكن ينسدل على كتفيها، بينما تحمل مظلة حمراء صغيرة.

اللقاء الأول

تقدمت نحوه بخطوات مترددة، وابتسمت بلطف.
"هل تأخر القطار؟" سألت بصوت خافت كأنه همس المطر .

ابتسم آدم وهو يهز رأسه.
"في هذا الطقس؟ أعتقد أنه لن يأتي قريبًا."

ضحكت بخجل، وكان صوت ضحكتها كأنه يزيل البرد من حوله. قدم لها مظلته الكبيرة لتحتمي من المطر، لكنها رفضت بلطف قائلة:
"أحب المطر، يجعلني أشعر بالحرية."

بدأ الحديث بينهما يمتد، تحدثت عن حبها للأيام الممطرة، وكيف تجد فيها فرصة للتأمل. أما هو، فتحدث عن رحلته في البحث عن شغفه، وكيف يشعر أن الحياة تسير بسرعة تجعله ينسى نفسه أحيانًا.

اللحظة التي لا تُنسى

بينما كانا يتحدثان، هدأ المطر فجأة، وظهر قوس قزح خافت في السماء الملبدة بالغيوم. نظرت إليه وقالت:
"هل تؤمن بالصدف؟"

ابتسم وقال:
"أؤمن أن بعض الصدف تصنع أجمل الحكايات."

لمعت عيناها كأنهما تحتضنان شيئًا من الحلم، ثم قالت بصوت مليء بالحنين:
"ربما هذه اللحظة واحدة منها."

فجأة، رن هاتفها. نظرت إلى الشاشة وقالت:
"يجب أن أذهب، لكنه كان لقاء جميلًا."

تركته قبل أن يتمكن من معرفة اسمها أو طلب رقمها. وقف هناك يتأمل أثر خطواتها على الرصيف المبلل، وشعر أن جزءًا منه رحل معها.

البحث عن اللقاء الثاني

عاد آدم إلى المحطة في الليلة التالية، وفي الليالي التي تلتها. كل مساء شتوي كان يقف في نفس المكان، تحت مظلته السوداء، منتظرًا أن تعود. لكنه لم يجدها.

مرت أسابيع، ومع كل يوم كان الأمل يتلاشى من قلبه. كان يلوم نفسه لأنه لم يطلب منها أي طريقة للتواصل. لكن في قلبه، كان هناك يقين غريب بأنها ستعود يومًا.

اللقاء الذي أضاء الحياة

وفي مساء آخر، بعد شهر تقريبًا، وبينما كان المطر ينهمر بغزارة، سمع صوت خطوات مألوفة. التفت بسرعة ليجدها تقف هناك، بنفس المظلة الحمراء والمعطف الرمادي.

ابتسمت قائلة:
"أعتقد أنك تنتظرني."

قال بصوت مليء بالشوق:
"لم أتوقف عن انتظارك."

اقتربت منه وقالت:
"أحيانًا نحتاج أن نتأكد أن ما نشعر به ليس مجرد لحظة عابرة، بل شيء حقيقي."

مد يده نحوها قائلًا:
"وماذا اكتشفتِ؟"

أمسكت بيده وقالت:
"أن المطر، وأنت، وكل شيء في هذا المكان... يجعلني أشعر أنني في المكان الصحيح."

الخاتمة

ومنذ تلك الليلة، أصبحا لا يفترقان. كان المطر دائمًا شاهدًا على حبهما، وقوس قزح الذي يظهر أحيانًا كان يذكرهما بلقائهما الأول. أدركا أن الصدف أحيانًا ليست إلا قدرًا متخفيًا، وأن الحب الحقيقي يأتي في اللحظة التي لا تتوقعها.

Popup

",
تمرير لأعلى وأسفل
google-playkhamsatmostaqltradent