recent
أخبار ساخنة

البيت الذي لا ينسي

 

"البيت الذي لا يُنسى"


في إحدى الليالي المظلمة، وبينما كانت الرياح تعصف بقوة في قرية مهجورة وسط الغابة، ظهر محمد، شاب مغامر يعشق استكشاف الأماكن الغامضة. كان محمد قد سمع عن منزل مهجور يُعرف باسم "بيت الأرواح"، حيث ترددت حوله أساطير مخيفة عن أرواح تسكنه وأصوات غريبة تُسمع ليلاً. وبحماسه المعتاد، قرر محمد الذهاب والتحقق بنفسه.

اقترب من المنزل، الذي بدا مظلماً ومتهالكاً تحت ضوء القمر الشاحب. كانت الأشجار الكثيفة المحيطة به تُصدر أصواتاً غريبة، وكأنها تحذره من الدخول. ورغم ذلك، حمل محمد مصباحه اليدوي ودخل عبر الباب المهترئ الذي صرّ بصوت مخيف.

البداية

كانت الرائحة في الداخل خانقة، خليطاً بين العفن والرطوبة. جدران المنزل مغطاة بطبقة سميكة من الغبار، بينما تكسرت النوافذ وتهشمت الأثاث. لمح محمد كتاباً قديماً موضوعاً على طاولة مائلة في غرفة المعيشة. كان الغلاف مشققاً والكتابة بالكاد تُقرأ. فتح الكتاب ليجد صفحات مليئة بالرسومات الغريبة والرموز التي لم يفهم معناها.

"ما هذا؟ يبدو كأنه كتاب تعاويذ!"، تمتم محمد لنفسه.

فجأة، شعر بهواء بارد يمر بجانبه، رغم أن كل الأبواب والنوافذ كانت مغلقة. التفت حوله بسرعة، ولكنه لم يرَ شيئاً. قرر أن يتجاهل الأمر واستمر في استكشاف المنزل.

الأصوات الغامضة

بينما كان يتجول، بدأت الأصوات. في البداية كانت خافتة، أشبه بصوت تنفس قريب، ثم تحولت إلى همسات غير مفهومة. حاول محمد أن يقنع نفسه بأنها مجرد أوهام. ولكنه حين وصل إلى الطابق الثاني، سمع صوت خطوات خلفه. التفت بسرعة، لكنه لم يجد أحداً. بدأ قلبه ينبض بقوة، ولكن كبرياءه منعه من الهرب.

وصل إلى غرفة مظلمة في نهاية الممر، حيث كانت الأبواب كلها مغلقة بإحكام. عند فتحه للباب، وجد غرفة مليئة بالدمى القديمة ذات العيون الزجاجية التي كانت تبدو وكأنها تراقبه. على الجدار، كان هناك مرآة كبيرة مشروخة. عندما نظر إليها، رأى انعكاسه، لكنه لم يكن وحيداً. كان هناك ظل خلفه. استدار فجأة، لكن الغرفة كانت فارغة.

المواجهة

أخذ محمد خطوة للخلف، فسمع صوت ضحكة مكتومة قادمة من مكان ما. تجمد في مكانه، وشعر وكأن الغرفة أصبحت أضيق. فجأة، أغلق الباب خلفه بقوة، ووجد نفسه محبوساً. حاول فتح الباب، لكنه لم يتحرك. بدأ يصرخ: "من هناك؟ من يفعل هذا؟"، لكن صوته تلاشى في الظلام.

ثم، بدأت الدمى تتحرك. لم يكن تحركها واضحاً، لكنه شعر بأن أعينها تتبعه. إحداها سقطت على الأرض، لكنها لم تبقَ هناك. نهضت على قدميها وبدأت تزحف باتجاهه.

"هذا لا يمكن أن يكون حقيقياً!"، صرخ محمد، لكنه لم يكن يحلم. حاول دفع الدمى بقدميه، لكنها كانت كثيرة. وبينما كان يشتبك معها، ظهرت على الجدران كتابات غريبة بألوان حمراء تشبه الدم.

اكتشاف الحقيقة

في لحظة يأس، قرر محمد أن يفتح الكتاب الذي وجده في البداية. بدأ يقرأ الكلمات التي لم يفهم معناها، لكن صوته كان يرتجف. فجأة، توقفت الدمى عن الحركة، وبدأت الكتابات على الجدران تختفي. شعر وكأن المنزل كله يتنفس معه.

لكن الأمور لم تتحسن. ظهرت أمامه امرأة شاحبة البشرة، ذات شعر أسود طويل يغطي وجهها. كانت ترتدي فستاناً قديماً وممزقاً. عندما رفعت وجهها، رأى محمد عيونها الفارغة التي تنظر إليه مباشرة. "لماذا أزعجتنا؟"، قالت بصوت مخيف. "هذا مكاننا، ولن تغادره حياً!"

الصراع الأخير

حاول محمد الهرب، لكن الأبواب والنوافذ كانت مغلقة بإحكام. المرأة بدأت تقترب منه، بينما الغرفة تغمرها ظلال سوداء. قرر محمد أن يقرأ بصوت عالٍ آخر صفحة في الكتاب، على أمل أن ينقذه. كلمات الكتاب كانت تشعل أضواء غريبة في الغرفة. المرأة بدأت تصرخ وتبتعد، لكن الظلال لم تتوقف.

في لحظة، شعر محمد بشيء يسحبه للخلف، وكأنه يُبتلع من الأرض. أغمض عينيه واستمر في القراءة حتى شعر بشيء ينفجر حوله. عندما فتح عينيه مرة أخرى، كان خارج المنزل، مستلقياً على العشب. المنزل كان مظلماً وصامتاً، وكأن شيئاً لم يحدث.

في النهاية

هرب محمد دون أن ينظر خلفه، وقرر ألا يعود إلى ذلك المكان أبداً. لكنه عندما وصل إلى منزله، وجد الكتاب على سريره. وداخل الكتاب، كانت هناك صفحة جديدة مكتوبة بخط غريب: "لن تستطيع الهروب منا. نحن دائماً معك."

منذ ذلك اليوم، تغيرت حياة محمد. في كل ليلة، يسمع نفس الأصوات واله

مسات، وكأن الأرواح التي في المنزل قد تبعته.


Popup

",
تمرير لأعلى وأسفل
google-playkhamsatmostaqltradent